اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
الحج منافعه وآثاره
10616 مشاهدة
المقدمة

إن الحمد لله نحمده ونستغفره ونستعينه، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة حق نلقى الله تعالى بها.
ونشهد أنه هو إلهنا وربنا وخالقنا، وأنه تعبّدنا وفرض علينا أن نعبده، ونحمده ونشكره، ونذكره ونعترف له بالفضل والامتنان، ونسأله سبحانه أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.
ونصلي ونسلم على عبده ورسوله محمد بن عبد الله الذي أرسله الله بالهدى ودين الحق؛ ليظهره على الدين كله، ونشهد أنه بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، وبيّن للأمة ما تحتاج إليه، فبين لهم أحكام عباداتهم، وبلغ ما أرسل به، واستشهد أصحابه رضي الله عنهم في حجة الوداع بقوله: ألا هل بلغت فقالوا: نشهد أنك بلغت وأديت ونصحت .
فشهدوا له بالبيان والبلاغ والنصح، فصلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه واتبع طريقه.
أما بعد أيها الأخوة... وأيها الشباب:
إننا جميعا نرجو -إن شاء الله- أن نكون من المتحابين في الله، والمتزاورين في الله، والمتجالسين والمتعارفين في الله، الذين يغبطهم أولياء الله على ما بينهم من المحبة والمودة، التي لم يكن الباعث لها مجرد المعرفة أو الصلة أو الصداقة، ولكن الباعث لها هو المحبة في الله والمحبة لله.
المحبة التي حمل عليها دين الإسلام، الذي هو عبادة الله وحده، فنحب الله تعالى، ونحب كل من يحب الله، ونحب أهل طاعته سبحانه وتعالى.
وإن هذه المحبة في ذات الله تقتضي النصيحة والبيان، والإرشاد والتوجيه، فكل من أحب أخاه، نصحه ووجهه، ودله على طرق الخير، ولا شك أن من جملة ذلك أمور العبادة التي نحن متعبّدون بها.
ولعل من أهمها وأجلها أداء مناسك حج بيت الله الحرام، وبمناسبة أننا في أشهر الحج، التي ذكرها الله في قوله: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ وقد بين العلماء هذه الأشهر فقالوا بأنها شهران وعشرة أيام، وهذه الأشهر هي التي يشرع للحاج الإحرام والحج فيها.
ومن المناسب أن نذكر شيئا من منافع هذا الحج، ومن منافع هذه المناسك التي يُحْرِم بها المسلمون، ويتقربون بها إلى الله، والتي بينها نبينا -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع، وقال: خذوا عني مناسككم .
ولا شك أن هذا الحج الذي هو عبارة عن الإحرام والطواف والسعي وما يتصل به، هو أعمال بدنية، وأعمال قولية، وأعمال مالية.
وهذه الأعمال ونحوها ما شرعت إلا لعبادة الله، وما شرعت إلا للتزود من معرفة الله سبحانه وتعالى، وما شرعت أيضا إلا لمنافع عظيمة تفوق العد والحساب؛ ولأجل ذلك ذكر العلماء أن فيها منافع، واستدلوا بقول الله تعالى: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ .
وقد بحث العلماء عن هذه المنافع فقالوا: لا بد أن تكون هناك منافع متعددة.
ولا شك أن أعظم المنافع كون العبد يتقرب إلى الله تعالى بهذه القربة وبهذا المنسك، ويطلب من الله تعالى الثواب والأجر، ويطلب منه أن يضاعف له أجره على ما يتجشم من مشقة وتعب ونصب، فذلك منفعة عظيمة؛ حيث أنه يترتب على ذلك ثواب عظيم.
وقد عدّد العلماء للحج منافع عدة: بدنية، ومالية، وثقافية، واجتماعية، وعلمية، ولا بد أن تجتمع هذه المنافع كلها في هذه المناسك، ولا بد أن يشعر بها من كان حقا من أهل المعرفة ومن أهل التأثر.
ولأهمية معرفة منافع الحج، والحكمة التي شرع من أجلها، فإننا نحب أن نذكر شيئا من هذه المنافع، علَّ الله أن ينفع بها.
نسأل الله أن يكتبها في ميزان أعمالنا إنه سميع مجيب، ونسأله تعالى أن يزيدنا من معرفته، ومعرفة أحكام عبادته، إنه هو السميع العليم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.